صدى الأفكار

03/12/2009

من الفيزياء إلي العواطف وبالعكس -1

:أولا: المسافة المكانية الآمنة

بموجب ان الاجسام الساكنة واقعة تحت تأثير الجاذبية، فقد أُودِعت فيها طاقة وهى ما يسمى طاقة الوضع. وإذا كنا نتعامل مع الطاقة الحركية الكامنة في جسم ما (طاقة الوضع)، بقياس مستوى ارتفاعه عن مستوى نختاره من عندنا وليكن مثلا مستوى سطح البحر، فنحن نحتسب الطاقة هنا بفرق مكانى بين نقطتين. هذه مفاهيم أولية في الفيزياء، أما ما أنا  بصدده هنا فهو شأن غير فيزيائى في مظهره وربما وجدنا له – في هذه المقالة – مناظرة مع أوليات وقوانين الفيزياء، ألا وهو الاجهاد والتوتر النفسى أو الطاقة الانفعالية المحتبسة.

معروف مثلا أنه إذا وجد المرء نفسه في مكان غير مألوف بالنسبة له فإن احساسه باالأمان سيكون أقل مما لوكان المكان معروفا ومألوفا لديه. لذلك فإن دافع الأمان سيحثُّه على إجراء مسح حسِّى – نظرا وسمعا وشمّا ..- للمكان الذى يحيط به . وباعتبار ان الدافع الأصلي هو الحاجة للأمان؛ إذن فلابد ان يجرى مسح المكان إلى مسافة تكفى لإعطائه وقتا وإنذار مبكرا  يتيح فرصة للتصرف لتلافى أي خطر  أو أذى يمكن أن يفاجئه. تلك المسافة الكافيه التي تتيح وقتا للتصرف،  سنسميها هنا ” المسافة الآمنة الدنيا”.  من المنطقى أن تظل المسافة الآمنة نفسها مؤمنة باستمرار.

ماذا يحدث لصاحبنا هذا إذا تقلصت المسافة الآمنه الدنيا من إحدى جهاتها ؟ الطبيعى أنه سيتصرف تبعا لذلك اى أنه سيتحرك  ليعوض المسافة المفقوده متباعدا إلى احدى الجهات المتاحه الاخرى وكأنه يبتغي المحافظة على الاتساع الابتدائى لمنطقته الآمنه.

لنفرض مثلا أن الحركة بالتباعد لم تكن ممكنه لوجود حاجز أو مانع مثلا، فإن التحرك بالابتعاد – والذى كان يتوجب أن يتم – لن يحدث فعليا، حيث كان من الطبيعى لصاحبنا هذا أن يتحرك مبتعدا غير أنه لم يستطع؛ لذلك نتوقع ان يؤدى تقلص المسافة الآمنه عن الحد الادنى المأمون، يؤدى إلى تخزين طاقة حركيه لدى صاحبنا المحتجز هذا.

وحيث أننا نريد ان نناظر هذا الوضع مع أساسيات الفيزياء، فإنه يصح أن نقول أن كمية تلك الطاقه المخزنه ستكون متناسبة طرديا مع كمية الطاقة الحركيه التي كان سيبذلها لو اتيح له الابتعاد لاستعادة المسافة الآمنه كما كانت أصلا. وحيث أنه لا يستطيع الابتعاد كما افترضنا في مثالنا، فإن تلك الطاقة الحبيسة ستأخذ صورة أخرى فهى هنا ليست طاقة وضع ميكانيكيه  Potential mechanical energy بل طاقة انفعاليه كامنه Potential Emotional Energy .

من المعقول أن تكون تلك الطاقة الحبيسة، ضئيلة اذا كان التقليص في المساحة الآمنة ضئيلا، وتكون الطاقة الحبيسة تلك كبيرة إذا كان التقليص في المساحة الآمنة كبيرا. نستطيع بذلك استنتاج علاقة كمية بين مقدار التقليص في المسافة الآمنة وبين كمية الطاقة الانفعالية المحتبسة. وبذلك نقول:

عند تعذر الحركه، فإن كمية الطاقة الانفعالية الحبيسة تتناسب طرديا مع مقدار التقلص في المساحة الآمنة.

 

فاذا كانت المسافة الآمنه الأصلية هى    A

وتقلصت ألى المسافة          a

فإن كمية الطاقة الانفعالية الحبيسة  ( EPE) ستكون متناسبة مع درجة التقلص في المسافة الآمنة  والمتمثلة في نسبة a إلي A:

 

           أي أن:

EPE = { (A – a ) / A ) } * K 

 

اقرأ المعادلة من اليسار إلي اليمين

المعامل K هو معامل شخصى يختلف من فرد لاخر

 

ثانيا : المسافة الزمنية الامنة:

 

المناقشة السابقة حول تقلص و انحسار المسافة المكانية الآمنة وضعت أساسا لتوضيح فكرة تخزين طاقة ميكانيكية في صورة شدّ و توتر أو طاقة انفعالية كامنة. و نستطيع الآن أن ننتقل من تقلص المسافة الآمنة إلي فكرة أخرى و هي تقلص و انحسار الفسحة الزمنية و ليس المكانية، لنري كيف تؤدي هذه أيضا إلي شد وتوتر و يقابلها هي الأخرى تخزين طاقة انفعالية كامنة.

 يتبع … فى التدوينة القادمة  انشاء الله ..

6 تعليقات »

  1. اهلا بك في عالم التدوين الصديق عمر الغرياني نوه عن مدونتك فأحببت أن ارحب بك

    دمت بخير

    تعليق بواسطة غيداء التواتي — 03/12/2009 @ 21:34 | رد

  2. بداية موفقة صديقي ..

    بالتوفيق

    تعليق بواسطة أحمد الجزاري — 03/12/2009 @ 23:42 | رد

  3. السلام عليكم,,
    لدي سؤال,, عندما تختزن تلك الطاقة, وتصبح انفعال عاطفي هل يتم إفراغها مثلا بحالة من الفزع مثلاً كالصراخ او يتم تفريغها في الاتجاه المعاكس للاتجاه الذي يومن له المسافة الامنة الدنيا ؟

    موضوعك مثير للأهتمام, لا تطل علينا لتطلعنا على بقية التدوينةبالجزء الثاني أرجوك…

    إختيار موفق للتصميم…

    تعليق بواسطة جاد الصاري — 04/12/2009 @ 00:00 | رد

  4. مرحباً بك في عالم التدوين , الاماكن والازمنة هي التي نقلتني إلى هنا , اعجبتني فكرة التدوينة الاولى وفي انتظار ما يتبع …

    تحياتي~ ~ ~ ~

    تعليق بواسطة elekomm — 04/12/2009 @ 08:58 | رد

  5. ظننت أنني أول من يرد ، ولكن بعضهم قد سبقني بالفعل ..

    أعتقد أنني سأكون المعجب الأول بهذه المدونة الرائعة ، التي أرى أنها ستكون أقوى مدونة ليبية بالفعل ، فالموضوع ، والفكرة خطيرة ورائعة جداً جداً ..

    أريد بالطبع أن أسأل مثل جاد ، وإن كنا نستبق الأحداث ، هل تلمح من خلال حديثك أن الإنسان حينما يعيش في وسط أو مجتمع لا يشعره بالأمان والإستقرار فإن ذلك يخزن لديه طاقة حركية أو إنفعالية تدفعه للقيام بأفعال معينة ..

    تعليق بواسطة أحمد البخاري — 05/12/2009 @ 02:08 | رد

  6. شكرا للاخت غيدء ، و الاخوة أحمد الجزارى ، و جاد و اليكم و أحمد البخارى على الحضور و التعليق و التشجيع ، و الى كل زوار المدونة لمتابعتهم . سأحاول الاجابة على بعض الاسئلة المثارة فى التعليقات من خلال التدوينات القادمة انشاءالله ، و اشكركم مرة ثانية .

    تعليق بواسطة محمد الساعدى — 06/12/2009 @ 18:57 | رد


RSS feed for comments on this post. TrackBack URI

أضف تعليق

المدونة على ووردبريس.كوم.